Loading...
رئيس مجلس الإدارة
د.حاتم صادق

المصرى اون لاينبوابة خبرية متخصصة

رئيس التحرير
قدري الحجار

سيناريو حرب لبنان
الدكتور حاتم صادق

الدكتور حاتم صادق

سقطت كل الخطوط الحمراء واسرائىل وحزب الله.. ويمكن القول أن الحرب فعليا قد بدأت بين الجانبين في لبنان، وكأننا نشاهد سيناريو تكرر قبل ذلك في العام ٢٠٠٦.. ويبدو أن تل ابيب قررت دخول هذه الحرب رغم انها لم تحسم موقفها بالكامل في غزة ، ومع ذلك مضت القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية في طريقها سعيا الي استغلال الوضع المتأزم في المنطقة لتغيير كل قواعد اللعبة التي وضعتها ايران وحاولت تثبيتها طوال السنوات الثلاثين الماضية، والمتمثلة في مصطلح "وحدة الساحات" الذي ترفض تل ابيب التعايش معه مهما كلفها الأمر.
انفجارات الأجهزة في لبنان الأسبوع الماضي كانت جزءا من خطة "الزر الأحمر" الإسرائيلية، المصممة لتنشيطها في لحظة حرجة لتحقيق أقصى قدر من التأثير ضد خصم، وفقا لما قاله مسؤولون إسرائيليون وسابقون على دراية بعملية النداء لصحيفة واشنطن بوست. "الجميع اصبح في مرمي النيران" .. قالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد دقائق من بدء الاجتياج الجوي الذي شنته الطائرات الإسرائيلية علي لبنان، منهية بشكل كامل كل ما كان يقال عن قواعد الاشتباك المعمول بها سلفا.
في اقل من شهر، تعرض حزب الله لانتكاسات وضربات غير مسبوقة اضرت بمصداقيته وشعبيته سواء في الداخل او الخارج. بدأت بهجوم "البيجر" الذي استهدف في اقل من ثواني معدودة اكثر من ٤٠٠٠ من المسئولين والقيادات في الحزب دون ان تطلق رصاصة واحدة. والمعلومات التي تم اذاعتها ونشرها بعد "هجوم البيجر" كشفت الفارق والتفوق بالقدرات الاستخباراتية والتكنولوجية الإسرائيلية الذي يمكن حسابه بالسنوات الضوئية علي حزب الله، وكذلك على التخطيط المتطور المتجسد في تقسيم الهجوم إلى موجتين، حيث تم توقيت الموجة الثانية لتتزامن مع جنازات الذين قتلوا في الموجة الأولى، وبالتالي تعظيم الضرر.
وقبل ما سبق كانت عملية الاغتيال المستهدفة لما يوصف برئيس اركان الحزب فؤاد شكر في ضربة دقيقة في الضاحية، معقل حزب الله في بيروت، أدت إلى اعتراف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطابه له يوم بأن المنظمة عانت من أشد ضربة لها منذ تأسيسها.
وقبل أن يستفيق نصر الله من تلك الضربات، تمكنت إسرائيل من القضاء على كامل قادة قوة الرضوان العاملة في جنوب لبنان، بما في ذلك القائم بأعمال قائدها إبراهيم عقيل، في الهجوم أيضا على الضاحية الجنوبية التي كانت فيما سبق ضمن الخطوط الحمراء. وما يقلق نصر الله وجماعته، بحسب مصادر لبنانية، هو كيف عرفت إسرائيل باللقاء وتوقيته بالضبط؟ وبحسب مصادر لبنانية ، كان من المفترض أن يتم هذا اللقاء الخميس خارج بيروت، لكن في النهاية تم تغيير مكانه أيضاً ضمن الإجراءات الأمنية وتم عقده تحت الأرض. ويدعي حزب الله أن المشاركين وصلوا من موقع مختلف، عبر طرق مختلفه، بما في ذلك عبر أنفاق رخامية في منطقة الضاحية. والأمر الأكثر إثارة للقلق من وجهة نظر حزب الله هو أن الصاروخ القاتل تم إطلاقه على مكان الاجتماع فقط عندما كان جميع الحاضرين هناك، أي أن حزب الله يعتقد أن إسرائيل تم اعلامها "في الوقت الحقيقي وعلى مدار الساعة" بشكل عام. كل تلك الضربات انهكت كثيرا حزب الله وحدت من قدرته علي الحركة… حتى أذرع ايران مثل حزب الله العراقي وميليشا الحوثي في اليمن جاء ردهما علي استحياء ببعض المسيرات والصواريخ غير الفعالة، أو ربما هذا ما كان مطلوباً منهما على الأقل في الوقت الراهن. 
بالطبع لا توجد أي مقارنة أو مقاربة لموازين القوي بين طرفي الصراع، فلا يمكن مقارنة ما تحدثه بعض صواريخ ومسيرات حزب الله منزوعة الدسم من دمار، مقابل غارة واحدة تنفذها إحدى طائرات إسرائيل، خاصة أن حسبة نصر الله تتركز في حجم الازعاج الذي يمكن أن تسببه تلك الصواريخ حتي ولو لم تحقق الدمار المستهدف منها..والخلاصة بالنسبة له "دوي صافرات الإنذار في إسرائيل اقوي من كل الصواريخ". 
وحتي الآن تحصر إسرائيل هجماتها إلى حد كبير في جنوب لبنان، والبقاع وبعد الهجمات المحسوبة بالضاحية الجنوبية في بيروت، في حين يستهدف حزب الله المنطقة من حيفا إلى طبريا وشمالا. والمؤكد أن حزب الله لم يطلق العنان بعد لقوته النارية الكاملة، وهو يتجنب عمدا استهداف جنوب حيفا، بما في ذلك منطقة تل أبيب والبنية التحتية الحيوية بالقرب من الخضيرة. من المرجح أن تؤدي مثل هذه الهجمات إلى إعلان الحرب، كما أن الجيش الإسرائيلي لم يستهدف حتى الآن أنظمة الصواريخ طويلة المدي التابعة لحزب الله، مثل فاتح-110 وعماد وسكود 7 وغيرها من الصواريخ، الموجودة في المقام الأول في وادي البقاع في لبنان ، وهو يدرك ان هذه الأنظمة هي أحد الأصول الإيرانية، التي عهد بها الحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله لاستخدامها ضد إسرائيل إذا هاجمت المنشآت النووية الإيرانية. وبالتالي، فإن حزب الله ليس في عجلة من أمره لاستخدامها، حتى عندما يقتل عملاءه بأعداد كبيرة وتعاني هيبته من ضربات غير مسبوقة. وهذه الصواريخ ملك لإيران وليس حزب الله. وإذا ضربتها اسرائيل، فقد يؤدي ذلك إلى حرب إقليمية. وهو ما ترفضة الولايات المتحدة الامريكية..
من اللافت ذكر أنه في الوقت الذى بدأ فيه الاجتياح الجوى الإسرائيلي على جنوب لبنان والبقاع وبيروت، كان الرئيس الإيراني يطلب في الأمم المتحدة بخريطة جديدة لإنقاذ برنامجه النووي دون حتى ذكر ما يحدث من تدمير في لبنان.. هو بالتأكيد يرى ما حدث لكن اجندته الحقيقية – الملف النووي- طغت على السطح ووضعها على طاولة التفاوض قبل ان تضيع الفرصة كما حدث في غزة. 
أهداف إسرائيل تنحصر في: أولا، تقليل الأضرار التي لحقت بالمجتمعات الإسرائيلية الشمالية من وابل الصواريخ التي يقوم بها حزب الله، والتي ستزداد بلا شك في حال بدأت العملية البرية؛ وثانيا، تعطيل وتدمير استعدادات حزب الله، التي بناها وطورها بعد نهاية حرب عام ٢٠٠٦. ثالثا، تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي يطالب بإيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أيّ مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات يونيفيل.
ويبقي الخطر الأكبر أن يفقد الجميع القدرة علي التحكم في مجريات هذه الحرب.. وستكون نقطة التحول الحقيقية إلى الحرب الشاملة عندما نرى عمليات برية للجيش الإسرائيلي شمال جنوب لبنان، عندها من المفترض أن يبدأ حزب الله بعدها في استهداف قائمة الأهداف التي صورتها طائرة "الهدهد".. على الأقل هذا هو المفترض!



تواصل معنا